شهد العام 2009 العديد من القوانين التي ارتبطت بشكل كبير ووثيق بالشارع المصري فكانت ولا تزال مثار حديثهم وتعليقاتهم على مدى أشهر.
ولعل من أهم هذه القوانين كان قانون الضرائب العقارية الذي ثارت حوله العديد من التعليقات سواء من خبراء الاقتصاد أو من رجل الشارع البسيط الذي اعتبر هذا القانون بمثابة جباية وعبء جديد تضيفه الحكومة المصرية على كاهل المواطن البسيط.
قانون غير دستوري
وما أن أعلن وزير المالية يوسف بطرس غالي عن هذا القانون الجديد حتى وجه بالنقد من قبل مجموعة كبيرة من خبراء الضرائب والقانونيين، الذين أكدوا عدم دستوريته بشكله الحالي وبسبب عدم العرض على لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة قبل عرضه على مجلس الشعب وبسبب تأثيره على السوق والمواطن بشكل عام.
بالإضافة إلى أن مصلحة الضرائب العقارية هي التي ستقوم بحصر وتقدير العقارات، وهى نفسها المسئولة عن الطعون في التقديرات، وبالتالي أصبحت الخصم والحكم في وقت واحد، وهذا لا يجوز دستوريا كما قال الخبراء.
ودائما ما كان يثار تساؤلا حول طبيعة الضريبة العقارية، هل هي ضريبة على الدخل أم على رأس المال، خاصة وأن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي أخذت بنظام تحديد الضريبة من خلال القيمة الإيجارية للعقار، لأن الضريبة الجديدة تجمع بين الضريبة على الدخل ورأس المال في وقت واحد، والدليل على ذلك أن القانون الجديد ينص على أن الأرض الفضاء غير المستغلة يفرض عليها ضريبة عقارية.
وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت من قبل بعدم دستورية الضريبة على الأرض الفضاء، فكيف يخضعها القانون الجديد للضريبة
هذه الطريقة في حساب الضريبة العقارية أدى إلى أن يكون هنا ازدواج ضريبي نتيجة فرض ضريبة الدخل على إيراد العقار المفروش أو المؤجر بمدة، في حين يخضع العقار نفسه للضريبة العقارية، وهو ما جعل الناس تتساءل مثلا عن كيفية فرض الضريبة على غرفة بواب العقار حسبما نصت اللائحة التنفيذية للقانون، أو العشش التي تبنى على أسطح البيوت حيث نص القانون أن تدرج ضمن الإقرار الذي يقدم أيا كانت مادة البناء.
وأبدى خبراء الاقتصاد تخوفهم من أن يؤثر قانون الضرائب العقارية الجديد على المستويين الفردي والجماعي، لأنه بعد خفض أسعار الفائدة اتجه الأفراد لحفظ أموالهم في العقارات، وهذا سيتأثر بعد القانون، وقالت إن الاستثمار سيتأثر سلبيا بعد الضريبة العقارية، خاصة وأن الدراسات أثبتت أن 80% من القطاعات تعمل عندما ينتعش سوق العقارات.
أهم بنود القانون
يفرض القانون ضريبة عقارية على كل شبر في مصر تقريبا يمكن الانتفاع به ما دام يقع في نطاق الأبنية المعمارية، وتقدر الضريبة بـ 14 % من القيمة الإيجارية.
ويأتي أخطر بنود القانون في مادته رقم (4) التي تنص على إعادة تقدير القيمة الضريبية كل 5 سنوات مما يعنى إمكانية أن ترتفع الضريبة بشكل مستمر و يعمق الاتجاه الذي ذهب إليه الكثير من الخبراء في رغبة الحكومة على الخروج من أزماتها على حساب جيوب الفقراء بالتلوين المستمر لقوانين الجباية.
ويؤكد الخبراء أيضا بأن الفقراء هم من سيتحملون نتيجة هذه الزيادات، حيث سيسعى الملاك دائما لرفع القيمة الإيجارية على المستأجرين حتى لا يقعوا في فخ مخالفة القانون الذي يعتبر التهرب من الضريبة جريمة مخلة بالشرف والأمانة.
ويفرض القانون ضريبة على التركيبات التي تقام على أسطح المنازل (العشش وغرف التخزين مثلا) أو واجهات العقارات واللوحات الإعلانية الموجودة على العيادات الطبية والشركات مما يؤكد أن القانون يريد فرض ضريبة على كل شبر في مصر.
عيوب القانون
والمتأمل في القانون الجديد يجد من أهم عيوبه ما يعرف ب "الشريحة الموحدة" ومعناها أن يتساوى ساكنو عشش الترجمان بساكنو شاليهات مارينا، ليس هذا وحسب بل سيكون من أكبر المتضررين من هذا القانون الفلاح المصري البسيط الذي أقام مصنعا بسيطا لمنتجات أرضه مقارنة بكبار مستثمري الساحل الشمالي، حيث أن الحكومة تعفي المستثمرين في الساحل الشمالي من الضريبة لمدة 5 سنوات، بينما مع القانون الجديد ستفرض الضريبة على الفلاح الذي يمتلك مصنعا صغيرا أقيم على ربع فدان رغم أنه أولى الفئات بالتشجيع لأنه مصدر الخير والنماء.
ومن عيوب القانون أيضا أنه يعطي المواطن صاحب الشقة التي تبلغ قيمتها النصف مليون أو أقل الإعفاء "الآن" لكن بعد خمسة أعوام سيتم إعادة تقدير قيمة العقار بنسبة زيادة قدرها 35%، وبالتالي ستزيد قيمته عن حد الإعفاء حيث تبلغ قيمة العقار وقتها 665 ألف جنيه وبعد خمس سنوات أخري تصل قيمة العقار إلي 900 ألف جنيه وهكذا.
ومن العجيب في القانون الجديد في مرحلة تقديم الطعون أن ورغم أن كل القوانين في مصر وغيرها تفرض علي الطرفين "الدولة والمواطن" انتظار حكم القضاء للفصل في الدعاوى، أما في قانون الضرائب العقارية الجديد، فقد فرض رسوم تأخير قدرها 2% من قيمة الضريبة العقارية دون انتظار حكم القضاء.
إذا حتى لو طعن المواطن على قيمة الضريبة الخاصة به فإنه في كل الحالات "هيدفع .. هيدفع".
قانون المرور الجديد
ومن القوانين التي أثار جدلا وقت صدوره وقبيل تنفيذه وأيضاً بعد تنفيذه كان قانون المرور الجديد، حيث تباينت الآراء ما بين مؤيد للقانون يراه الحل الأمثل لمشاكل المرور في الشارع المصري، وما بين معترض ويراه لا يمثل أي إضافة وإنما يمثل أعباء جديدة على المواطن المصري الجديد لأن القانون لن يـنفذ إلا على من لا يملك نقود أو واسطة.
وشمل القانون الجديد الكثير من البنود التي تقضي بعقوبات كبيرة على مخالفيه، والتي وصلت بعضها إلى السجن عـدة أشهر في حالة السير عكس الاتجاه، وغرامات وصلت إلى ألف جنيه مصري في حالات كثيرة.
معارضة برلمانية
مع بداية طرح قانون المرور الجديد للمناقشة طلب أكثر من مائة نائب في مجلس الشعب من الأغلبية والمعارضة والمستقلين تأجيل مناقشة تعديلات قانون المرور إلى الدورة البرلمانية المقبلة بعد عطلة الصيف، والاكتفاء بعقد جلسات استماع للخبراء والمختصين في مجال المرور بعدما أثار مشروع قانون المرور الجديد جدلا واسعا في الشارع المصري على العقوبات المغلظة على مخالفات قواعد المرور التي أجازت الحبس ورفعت الغرامات.
ورأى 105 من نواب الحزب الوطني والمعارضة والمستقلين في مذكرة عاجلة لرئيس المجلس الدكتور فتحي سرور "أن مشروع قانون المرور الجديد لن يسهم في حل أزمات المرور، وان تشديد العقوبات السالبة للحرية في مخالفات المرور سيعرض ما بين 50 – 100 ألف من قائدي المركبات للحبس سنويا.
ومن المواد المثيرة للجدل أن الوقوف بسيارة أمام محل تجاري أو عام مخالفة عقوبتها الحبس لمدة سنة وغرامة 500 جنيه ولا تزيد عن ألفي جنيه، وإذا تكررت المخالفة خلال ستة أشهر تصبح العقوبة سنتين أو الغرامة 4000 جنيه، ويحظر سير السيارة الأجرة خارج المحافظة التي منحتها الترخيص إلا بتصريح من إدارة المرور.
ومن بين مواد هذا القانون الذي يتضمن تغليظا للعقوبات على نحو غير مسبوق ما يلي:
- عدم ارتدائك لحزام الأمان يعرضك لعقوبة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة جنيه.
- استخدامك التليفون المحمول يدوياً يعرضك لعقوبة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة جنيه.
- سيرك عكس الاتجاه يعرضك لغرامة لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد عن ثلاثة آلاف جنيه.
- انتظارك الخاطئ يعطل حركة المرور ويعرضك لعقوبة تصل إلى سحب رخصة القيادة مدة لا تقل عن شهر
- تعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 200 جنيه ولا تزيد عن 1000 جنيه في حالة إزالة أو فك الكلابش بمعرفتك.
- السماح بارتكاب أفعال مخالفة للآداب العامة داخل مركبتك يعرضك لعقوبة الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 300 جنيه.
- قيادتك للمركبة ليلاً بدون استعمال الأنوار الأمامية المقررة والأنوار الخلفية الحمراء أو عاكس الأنوار المقررة تعاقب بسحب رخصة القيادة مدة لا تقل عن ستة أشهر.
- قيادتك لمركبتك في مواكب خاصة بدون تصريح يعرضك لسحب رخصة القيادة لمدة لا تقل عن شهر.
- وجود مثلث عاكس للرؤية يساعدك على تجنب الحوادث أثناء توقفك ليلاً بالطريق وعدم وجوده يعرضك لسحب رخصة القيادة لمدة لا تقل عن شهر.
- عدم وجود حقيبة إسعاف أولية بسيارتك يضعك تحت طائلة القانون ويعرضك لسحب رخصة التسيير مدة لا تقل عن شهر.
- استخدامك للأضواء المبهرة ليلاً يعرض حياة الآخرين للخطر ويعرضك لسحب رخصة القيادة مدة لا تقل عن شهر.
- عدم استخدامك لغطاء الرأس الواقي أثناء قيادتك للدراجة النارية يعرضك لعقوبة بغرامة لا تقل عن مائة جنيه. * امتناعك عن نقل الركاب يعرضك لغرامة لا تقل عن 300 جنيه ولا تزيد عن 1500 جنيه.
- قيامك بطلب أجراً أكثر من المقرر يعرضك لغرامة لا تقل عن 300 جنيه ولا تزيد عن 1500 جنيه.
- نقل عدد من الركاب يزيد على الحد الأقصى المقرر يعرضك لغرامة لا تقل عن 300 جنيه ولا تزيد عن 1500 جنيه.
- قيامك بنقل الركاب من غير مواقف الانتظار المخصصة يعرضك لغرامة لا تقل عن 300 جنيه ولا تزيد عن 1500 جنيه.
- مخالفتك لخط سير المركبة الأجرة المحدد يعرضك لسحب رخصة القيادة مدة لا تقل عن شهر.
- السير بالسيارة الأجرة بعطل العداد يعرضك لسحب رخصة القيادة مدة لا تقل عن شهر.
فالملاحظ أن أغلب المخالفات تضاعفت قيمتها عدة مرات، وأنه في أغلب الحالات تصل العقوبة للحبس أو الغرامة أو الاثنين معا ومن هنا قرر أصحاب السيارات توديع ذويهم قبل الخروج من المنزل ووضع تحويشة العمر في المحفظة لسداد ديون مخالفات المرور.
وأخرها قانون نقل الأعضاء
بعد تعثر دام نحو 7 سنوات بين أروقة مجلس الشعب المصري ووسط مخاوف واسعة من أن يفتح تبنيه الباب واسعا أمام تجارة الأعضاء البشرية، أقر البرلمان المصري بصورة مبدئية مشروع قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية والذي يقضي بجواز نقل عضو من جسد إنسان ميت إلى إنسان حي بين جميع المصريين دون أي قيود وبأسبقية الحجز بينما يقتصر التبرع بالأعضاء بين الأحياء على الأقارب حتى الدرجة الرابعة.
وتم وضع معايير وأسس محددة لمشروع القانون لتحديد الموت من خلال لجنة مكونة من 3 أساتذة من الأطباء تصدر قرارها بالموت بالإجماع وبعد أن يمر المتوفى بـ 14 تجربة لتحديد الوفاة، وأهمها محاولة إعادة التنفس من جديد، كما حرص المشروع على تشديد الرقابة على المراكز الطبية والمستشفيات المرخص لها إجراء عمليات نقل الأعضاء.
وحظر قانون نقل الأعضاء بشكل نهائي التعامل في أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه على سبيل البيع أو الشراء، كما اشترط مرور ثلاث سنوات على زواج المصري بأجنبية أو العكس للموافقة على نقل الأعضاء بينهما.
ويعطي القانون صلاحيات واسعة لنقابة الأطباء في تحديد المستشفيات التي تتم فيها جراحات نقل الأعضاء على أن تكون الأولوية للمستشفيات الحكومية.
كما طالب برلمانيون وحقوقيون بتعديل العقوبات المنصوص عليها في مشروع قانون استقطاع وزراع الأعضاء البشرية لتصل إلي الإعدام وغرامة مائتي ألف جنيه بتهمه القتل العمد لكل من استقطع خلسة أو زرع أو شارك دون رضاء صحيح أو بالتحايل أو بالإكراه عضوا أو جزء منه أو نسيجاً من إنسان حي بقصد زرعه في جسم إنسان أخر وترتب علي ذلك وفاة الشخص المستأصل منه.
كما طالبوا بتعديل تشكيل اللجان الثلاثية المنصوص عليها في المادة السابعة من المشروع والتي تشكل بقرار من وزير الصحة من ثلاثة أطباء في المستشفيات للموافقة علي أجراء عمليه الاستئصال والزرع ليكون تشكيلا من خمسة أعضاء بدل من ثلاثة أعضاء وان يكون قرار اللجنة بإجراء الاستئصال أو الزرع بإجماع أراء أعضائها وليس بأغلبية أصواتهم.
وقانون نقل الأعضاء يقضى بحظر التعامل مع أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه أو أحد أنسجته على سبيل البيع أو الشراء أو بمقابل مادي للموافقة على الاستقطاع، كما يحظر على الطبيب المختص البدء في إجراء عملية الاستقطاع عند علمه بذلك.
كما يقضى القانون بأنه لا يجوز للمنقول منه أن يوافق على استقطاع أحد أعضائه أو جزء منها أو أنسجته لنقلها إلى آخر إلا إذا كان كامل الأهلية وتوفر رضائه التام على ذلك.
ويجوز للمنقول منه العدول عن الموافقة قبل البدء في إجراء عملية الاستقطاع ويثبت هذا الرضاء بالكتابة في حضور أحد أقاربه من الدرجة الأولى على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ولا يجوز نقل الأعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة من عديمي الأهلية أو ناقصيها، ولا يعتد في هذا الصدد برضاء المنقول منه أو بموافقة من يمثله قانونا.
ويقضى قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية على أنه لا يجوز نقل أعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة من جسم إنسان حي إلى آخر إلا لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة المنقولة إليه أو علاجه من مرض جسيم وبشرط عدم إمكانية النقل من ميت وعدم وجود وسيلة علاجية مناسبة وألا يترتب على النقل تهديد خطير لحياة المنقول منه ويحظر نقل الأعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة، مما يؤدى إلى اختلاط الأنساب.
كما يقضى القانون بأنه في جميع الأحوال تكون الأولوية في نقل الأعضاء من الأحياء من المصريين إلى المصريين حتى الدرجة الأولى وفيما عدا المصريين يجوز النقل لغير المصريين إذا كان قريبا حتى الدرجة الثانية للمصري المنقول منه وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون قواعد هذه الأوليات.
المصدر: مواقع إلكترونية
منقول