منقول -
جريمة الزنا بين الشريعة والقانون الوضعي-
اعتبرت
الشريعة الغراء جريمة الزنا من أبشع الجرائم التي تقع مساساً بكيان الأسرة
التي هي المرتكز الأساسي للمجتمع ، وبالتالي رتبت علي من يقترفها الحد
الصارم وهو رجم الزاني المحصن بالحجارة حتى الموت وللبكر الجلد والتغريب عن
بلده ردعاً وزجراً له ولكل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الشانعة .
وقد
نحت القوانين الوضعية الغربية ومن نقل عنها من بعض البلدان الإسلامية منحى
أباح الزنا في صور معينة ولم يرتبوا علية أي عقاب باعتباره من الأمور
الخاصة التي لأتمس مصالح المجتمع واعتبروا التراضي به مانعاً للعقاب عليه ،
وحصره في صور أخرى مما أدي إلي تفكك الأسرة وانتشار أبناء الزنا وإحجام
الناس عن الزواج لأنهم يستطيعون قضاء وتفريغ شهواتهم بعيداً عن مؤسسة
الأسرة.
الزنا
في الشريعة الإسلامية
وفي
البداية نريد التعرف علي جريمة الزنا أركانها والعقوبة المترتبة في حق من
يقارفها .
عرف
فقهاء الشريعة الزنا على أكثر من أربعة مذاهب منها
1ـ
المالكية:ـ بأنه وطء مكلف فرج أدمي لا ملك له فيه باتفاق تعمداً.
2ـالاحناف
:ـ انه وطء الرجل المرأة في القبل في غير الملك أو شبهة الملك.
3ـ
الشافعية:ـ بأنه إيلاج الذكر بفرج محرم لعينه خال من الشبهة مشتهي طبعاً .
4ـ
الحنابلة :ـ فعل الفاحشة في قبل أو دبر .
ومن
الملاحظ أن الفقهاء يختلفون في وضع تعريف جامع للزنا ولكنهم يتفقون في انه
الوطء المحرم المتعمد.
ومنه
يستفاد أن جريمة الزنا تقوم علي ركنيين هما:ـ
1ـ
الركن المادي ( الوطء المحرم) .
2ـ
الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) .
أولا
:ـ الركن المادي( الوطء المحرم )
ويعتبر
الوطء محرما ً، إذا كان في الفرج ، بحيث يكون الذكر في الفرج كالميل في
المكحلة ويكفي لاعتبار الوطء زنا تغيب الحشفة (أو مثلها) على الأقل في
الفرج .
القاعدة
العامة هي أن الوطء المحرم المعتبر زنا هو ما كان في غير ملك (نكاح أو
زواج) . وما لم يكن على هذه الصفة فلا يعد زنا يقام به الحد ، كالمفاخذة (
الإيلاج بين الفخذين بعيدا عن الفرج) والعناق والتقبيل والخلوة بالأجنبية
والنوم معها في الفراش هذه الأفعال وان عدت من مقدمات الزنا وقد تؤدي إليه
إلا أن فاعلها يعزر على ارتكابها ككونها أفعالا محرمة شرعاً وتشكل جرائم
تامة وليست شروعاً في زنا .
ويذهب
كثير من أهل العلم ( ملك والشافعي وأحمد والزيدية ..) أن الوطء في الدبر
كالوطء في القبل يعتبر زنا موجب للحد سواء كان الفعل واقعاً علي ذكر أو
أنثى .
وخالفهم
في ذلك أبو حنيفة إذ لا يعتبر الوطء في الدبر زنا موجب للحد سواء أكان
الموطوء ذكرا أو أنثى وحجتهم إن الإتيان في القبل يسمى زنا أما الإتيان في
الدبر يسمى لواطاً فضلا عن أن الزنا يؤدي إلي اختلاف الأنساب وتضييع
الأولاد وليس الأمر كذلك في اللواط .
ثانيا
الركن المعنوي (تعمد الوطء )
وهو أن
يتوفر لدى الزاني أو الزانية نية العمد كأن يعلم الزاني انه يزني بامرأة
لا تحل له ، أو أن تمكن الزانية رجلا من نفسها وهي تعلم انه محرم عليها .
ومتى
توافر هذان الركنان بلا شبهة وجب إنزال الحد بشروطه .
عقوبة
الزنا
العقوبة
نوعان :ـ
1ـ
عقوبة البكر 2ـ عقوبة المحصن
أولا
عقوبة البكر
رتبت
الشريعة عقوبتي الجلد والتغريب علي الزاني البكر رجلا ً كان أو امرأة،
لقوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ
اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) . ودليل التغريب
قوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر
جلد مائة وتغريب عام " والجلد كما هو معلوم عقوبة حدية وليست تعزيزا وليس
للقاضي منها أو يزيد ولا يوقف تنفيذها كما لا يملك ولي الأمر حيالها العفو
أو التعديل ، أما التغريب فمختلف في وجوبها فهي متروكة لولي الأمر.
ثانياً
عقوبة المحصن
شددت
الشريعة عقوبة المحصن فجعلتها الرجم باتفاق جميع العلماء والجلد اختلفوا
فيه بين موجب ومعارض والراجح أن الرسول أمر برجم متعز والغامدية ولم يأمر
بجلدهما.
وللمحصن
شروط لتوافر عقوبة الرجم بحقه وهي الوطء (الإيلاج في القبل ) في نكاح صحيح
والكمال في كل منهما (البلوغ العقل الحرية).
أدلة
الإثبات (الشهادة ـ الإقرار القرائن )
وفي
الشهادة نصاب خاص استلزمته الشريعة وهي أربعة شهود عدول لقول النبي لهلال
بن أمية لما قذف بامرأته شريك بن شحماء ( البينة وإلا حد ظهرك ) وقوله صلى
الله عليه وسلم (أربعة شهداء وإلا حد ظهرك ) ، وكذلك في حديثه لسعد بن
عبادة .
موانع
التنفيذ
يمتنع
التنفيذ برجوع المقرر في إقراره أو عدول الشهود بعضهم أو كلهم عن الشهادة
أو بطلان أهلية احدهم .
الزنا
في القانون الوضعي
من
القوانين الوضعية من ترى أن الزنا يعتبر من موجبات الحرية وهو لا يعد جريمة
إلا إذا اقترن بعنف فليس كل وطء محرم أو مواقعة زنا .
ومن
القوانين من يقصر الزنا علي المواقعة التي تحصل من المتزوجين فقط ولا تعتبر
ما يقع من مطلقة أو أعزب زنا ولا عقاب علي المواقعة إلا في حالة اخذ
المجني عليها بالعنف أو إذا كان الرضا بالمواقعة معيباً بان كانت المجني
عليها اقل من ثمانية عشر عاما ًويكيف الجرم بأنه جنحة بسيطة تستوجب الحبس
والغرامة.
أركان
جريمة الزنا في القانون المصري
1ـ
الركن المادي هو فعل الوطء .
2- و
الركن المعنوي هو القصد الجنائي بركنيه العلم والإدارة .
3- أما
الركن المفترض هو قيام علاقة الزوجية .
وفي هذا نقل المشرع المصري عن نظيره الفرنسي بشأن جريمة الزنا مع
بعض التغيرات حيث كان المشرع الفرنسي في البداية يجرم زنا الزوجة دون
الزوج .
ولكن المشرع المصري اعتبر الزنا لا يقع إلا في إطار رابطة
الزوجية فقط وبالتالي يخرج من نطاق التجريم الأعزب الزاني والمطلق .
ثم أورد قيدا إجرائيا علي حق النيابة العامة في تحريك الدعوى
الجنائية ضد الزوجة الزانية واشترط لذلك تقديم الزوج شكوى بطلب اتخاذ
الإجراءات ، ثم أعطي الزوج الحق في التنازل في أية حالة كانت عليها الدعوي
ولو بعد صدور حكم نهائي بات ، بينما سلب هذا الحق الزوجة ووقت تنازلها قبل
الحكم النهائي . ثم فرق في العقوبة بين الزوجين حيث شددها علي الزوجة دون
الزوج .
ثم بدا المشرع الفرنسي يتوسع في نطاق جريمة الزنا ، فبعد أن
كانت قاصرة على الزوجةفقط بدا يجرم زنا الزوج ولكن بشروط معينة وهى أن ترتكب
الجريمة مرتين على الأقلويكون ذلك في منزل الزوجية أكثر من مرة .
وقد اقتفى المشرع المصري اثر الفرنسي أيضا إذ اشترط منزل
الزوجية محلا لجريمة الزنا مفرقا بين زنا الزوج وزنا الزوجة كما
في نص المادة (277) عقوبات الخاصة بزنا
الزوجة يثبت في أي مكان ترتكب فيه الجريمة، بينما لا يثبت زنا الزوج إلا
إذا ارتكب الجريمة في منزل الزوجية، (المادتان 247، 277 - عقوبات). يأتي
هذا الحديث بمناسبة عجز القضاء المصري
عن إيجاد نص يجرم مسلك ما سمي مؤخرا بقضية الزنا بتبادل الزوجات حيث مثل
المتهمون أمام النيابة العامة وبكل بجاحة ادعوا أن عملهم ليس خروجا علي
قاعدة قانونية حيث أن كل إعمالهم تمت بالتراضي وبشكل علني من زوجاتهم
وبالتالي فلا جريمة !!!!!!!!!
قال تعالي
إِنَّالَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ
الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ